وجودنا في المسيح – مهندس فؤاد فريد قلتة
كلمة أُلقيت في لقاء التكريس البتولي الثالث عشر 23 – 25 يوليو 1985
[ قراءة من رومية5: 12 – 21؛ 2كورنثوس2: 9 – 15 ]
موضوع وجودنا في المسيح مبني على حقيقة آدم الأول ووجودنا فيه، ثم مجيء آدم الثاني الذي أصبحنا نحن فيه (أي الإنسان الثاني). فعندما سقط آدم الأول كنا جميعاً فيه ولذلك فنحن ساقطون بسقوطه. فالموت دخل بواحد، واجتاز الموت إلى جميع الناس. ثم جاء آدم الثاني أي المسيح وألغى الموت بموته وقيامته وصعوده إلى يمين الآب فصرنا مائتين فيه وقائمين فيه وصاعدين معه وجالسين عن يمين الآب.
ويعتبر القديس أثناسيوس أن كل عمل تممه المسيح إنما هو لحساب البشرية وليس لحساب ذاته، أي أن كل ما عمله بالجسد إنما عمله لنا نحن إذ يقول [ لما اغتسل الرب في الأردن كإنسان كنا نحن الذين نغتسل فيه بواسطته، وحينما اقتبل الروح، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته ] (المقالة الأولى ضد الآريوسيين: فقرة47). وهكذا موت المسيح وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب، فكل هذا تممه المسيح [ من أجلنا نحن الذين كان يحملنا في جسده ].
وقد صاغ القديس أثناسيوس هذه الحقيقة في قانون لاهوتي عام قائلاً: [ أن كل ما كُتب فيما يختص بناسوت مُخلصنا ينبغي أن يُعتبر لكل جنس البشرية ] (كتاب الدفاع عن هروبه – فصل13).
والقديس كيرلس الكبير هو أكثر من تحدث عن حقيقة وجودنا في المسيح وامتد بها ليجعلها شاملة لكل نواحي الحياة الروحية. ويمكن أجمال تعليم القديس كيرلس عن وجودنا الكياني في المسيح تحت عنوانين رئيسيين:
أولاً: وجودنا الكياني في المسيح بسبب التجسد الخلاصي، في جميع مراحل حياة المسيح وموته وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب وأخذ موعد الآب الروح القدس، وبنوته للآب واكتسابنا لبعض صفاته الفائقة.
ثانياً: الأساس اللاهوتي لوجودنا الكياني في المسيح: أي سرّ الاتحاد الأقنومي بين ناسوت المسيح ولاهوته، هذا الاتحاد الذي هو ينبوع جميع الخيرات التي تنسكب علينا من المسيح.
+______________________________+
أولاً: وجودنا الكياني في المسيح في كل مراحل حياته:
(أ) التجسد الخلاصي: كان لا يُمكن أن يتم الخلاص بدون التجسد: [ لقد وَحد كلمة الله كل طبيعة الناس بنفسه، لكي يُخلِّص الإنسان بكاملة، فأن ما لا يُأخذ لا يُخَلَّصْ ] (القديس كيرلس: تفسيره ليوحنا12: 27)
[ كان يلزم من أجل خلاصنا أن كلمة الله يصير إنساناً لكي يجعل جسد الإنسان الذي تعرض للفساد ومرض بالشهوة والملذات خاصاً له، ولكونه هو الحياة والمُحيي، يبطل الفساد الذي فيه، لأنه بهذا تصير الخطية في جسدنا مائتة ] (القديس كيرلس: الرسالة إلى سيسنوس).
وهكذا اتحد الكلمة بطبيعتنا لكي يُخلصنا، وبهذا الاتحاد دخل ابن الله في علاقة كيانية طبيعية مع كل واحد منا، يقول عنها القديس كيرلس:
+ جعلنا منتسبين له بحسب طبيعة الجســد +
+ كنا فيه من حيث أنه صـــــار إنسانــــــاً +
+ كان يحملنا في ذاته لأنه قد لبس طبيعتنا +